منى صفوان ... الحرب ستنتهي بنتجية: السعودية غنية، لكنها ليست قوية.. واليمن القوي قادم.. بتشكيل نظام سياسي جديد

منى صفوان
تغيرت  معادلة القوة، خلال 4 سنوات من الحرب.  حيث  ظهرت ترسانة ضخمة تدرع بها التحالف السعودي، مقابل ظهورمفاجئ  لقوة الحوثيين العسكرية، وبرغم فارق القوة، الا ان الضغط الدولي على السعودية لانهاء الحرب يجعلها تخرج بنتيجة انها لم تهزم الجماعة الصغيرة، ولم تحمي حدودها، ولم تقوي حلفائها في اليمن، وهو ما يعني اعادة تشكيل بنية الصراع خلافا لما كان مرسوما له. اليمن 2015 ليست هي يمن 2018،  بما يعني ذلك  ان لاعبين جدد تقدموا الصفوف، ويبدو الحوثيين  كقوة انقلبت على النظام السياسي  القديم،  اصبحوا واجهة اليمن العسكرية، حيث  استطاعوا لجم الطموحات الاقليمية بالسيطرة على كامل الساحل اليمني، واهم مناطقة الاستراتيجية في الشمال.   فما يحدث يغير اتجاة الدفة لخمسة عقود قادمة،  بما لايمسح لاي نظام سياسي قادم ان يقوم على تقوية النفوذ الخارجي في اليمن، على حساب القرار الداخلي. وبرغم الشكل الهش “للنظام السياسي القديم ” المعتمد  على الدعم الخارجي الواضح ، والذي يزيد من اضعاف هذا النظام المهترئ والمتهالك، فان هناك نظام  سياسي اخر يتكون في الداخل، يضع له برنامجه  السياسي، ويعيش حالة من العراك والصراع لاثبات نفسه، يمكنه ان  يعبر عن مكنون الروح اليمنية اولا، وعن طموحات واهداف وطنية مجمع عليها، ان استطاع ان يرسم معالم الدولة المدنية التي تؤمن البديمقراطية التشاركية، والتي تحميها قوة عسكرية وطنية تصعد اي مطامع اوانجرافات داخلية باتجاه اعادةالنفوذ الخارجي.  ان  مستقبل اليمن يتشكل لاول مرة بمقاومة النفوذ الخارجي، انه المشروع الذي اغتيل مع استشهاد الرئيس ابراهيم الحمدي باعث المشروع الوطني والثورة التصحيحية وصاحب  امتياز اهم انقلاب عسكري وسياسي في اليمن. لذلك  فان الضغط لانهاء الحرب على اليمن، هو ضغط لم يطلبه اليمن، وياتي لصالح المملكة السعودية التي لم تتورط فقط، بل صارت هذه الحرب تضعفها وتبتزها، وتكرس صورتها الاجرامية وتضيف مستند ثقيل في ملف جرائم الحرب وهوما يعني انهااصبحت تحت مقصلة المحاسبة، وهو ما جعلها ترفض لجان التحقيق الدولية واخرها لجنةالتحقيق للمراقبينالدوليين التابع للامم المتحدة الذي اكد انها تحوز على نصيب الاسد من الجرائم والانتهاكات. السعودية غنية، لكنها ليست  قوية بما يكفي للقضاء على جماعة فتية كالحوثيين، جماعة  مرت بظروف صعبة لكنها ساعدتها على تطوير قدراتها عسكريا وسياسيا،  لتصبح هي  سلطة الامر الواقع في الشمال فقد  تطورت هذه الجماعة المسلحة من حركة “الحوثيين” الدينية ،  في اقصى شمال اليمن،  الى حركة او نظام “انصار الله” المظلة الواسعة للتحالفات السياسية والقبلية  الجديدة التي تشكلت خلال 5 سنوات من استيلائهم على مقاليد الحكم في اليمن 2014   واصبحت نواة تشكيل النظام السياسي الجديد الذي يقدم نفسه بديلا لحكم اليمن بدلا عن النظام السياسي القديم. فقد حدث  انفجار  ضخم تسبب بازاحة النظام السياسي الذي حكم اليمن 6 عقود، والذي قدم اوراق اعتماده   للخارج لدعمه للعودة الى الحكم بعد الانقلاب عليه،  هذه الازاحة لم تحدث  فجأة بل سبقته عدة موجات كانت ابرزها موجة  2011 باندلاع الثورة الشعبية، وكان اقواها  موجة 2014 -2015 بسيطرة جماعة مسلحة قادمة من خرج مركزالسلطة وهرم القرار السياسي،  على جميع مؤوسسات الدولة والقرار السياسي، وقلب الطاولة  على التحالف السياسي للنظام الرسمي ، الذي فر الى الرياض وزاول مهامه من منفاه الخليجي،  مما ادى الى تقليص نفوذه وتاثيره على الارض لصالح القوات الخليجية العسكرية . هنا يمكن القول انه  اصبح  لليمن نظامان  سياسيان، نظام معترف به دوليا، ويمثل اليمن خارجيا، لكنه ضعيف ومتهرئ، بلا شعبية قوية في الداخل،  يتأكل بتوسع مؤوسسة الفساد داخله ، ويعتمد بالكامل على الخارج “السعودي”،  حيث يسيطر الخارج على قراره السياسي وتحركاته وحتى امكانية عودته  الى  داخل  اليمن . وهناك نظام مواز في الداخل، يمكن وصفه بانه  سياسي داخلي ،يتشكل تحت الضغط والحرارة ، يبدو  اقوى واكثر تماسكا، يحظى بدعم المحور الايراني، واستطاع اثبات قوته العسكرية في مدة قصيرة ووصل الى مرحلة التصنيع العسكري، او الاعتماد العسكري على نفسه مما يغنيه عن الدعم الخارجي، ويقدمه كقوة اقليمية صاعده، يمكنها عقد تحالفات وعلاقات ندينة مع ايران والسعودية على حد سواء . وهنا تبدو الضغوط الدولية لنزع سلاح هذا المكون العسكري- السياسي مقابل وقف الحرب عليه غير منطقية، فهل يمكن ان يسلم الحوثيون سلاحهم مقابل وقف الحرب عليهم، ويقدمون لخصومهم ما عجزوا عن اخذه منهم بالقوة، في المقابل هل سيكون نزع السلاح على الجميع بمن فيهم السعودية، التي وقعت صفقات بمئات مليارات الدولارات لشراء اغلى الاسلحة في العالم. تاريخ اليمن السياسي هو تاريخ الثارات السياسية بسلاحها القبلي والايديلوجي، وصراع  الاربع سنوات لايخرج عن كونه صراع اجترار الماضي، الفرق انه اول صراع يمني يؤسس لنظام سياسي جديد، ويغير طبيعة الثارات السياسية ياتي كجزء من انتقام قديم لكنه يؤسس لانتقام اخر . وهذا يعني بقاء درئرةالصراع اليمني- اليمني مفتوحة. فبرغم قدرة الحوثيين على جمع كل خصوم النظام القديم في تحالف واسع لجماعة انصار الله ، الا انهم اسسوا لانتقام جديد منهم من قبل الذين خسروا . في هذا المضمار فان وجود نظام  جديد يتشكل، يعمل على التحرر،  والاستقلال ، فان عليه ان يجمع الجميع فيه دون استثناء،  من  الخاسرين والرابحين، من انصار النظام الجديد  ورهائن النظام القديم ، في تحالف سياسي جديد، وهنا يكون الكلام مقصود به تحالف سياسي بين حزب الاصلاح الاسلامي، وجماعة الحوثيين اليمنية.  فقط في هذه الحالة يمكن الحديث عن انهاء للثارات السياسية، على الاقل لخمسين سنة قادمة، فحزب الاصلاح هو الراس الابرز في النظام القديم، مقابل جماعة الحوثي رأس النظام الجديد، وفي ابسط توصيف  للحرب الحوثيية منذ العام 2004 فانها صراع بين الاصلاح والحوثيين.  اليمن هو نظام متعدد الرؤوس، ولايمكنه ادارته جغرافيته الواسعة الا بديمقراطية تشاركية، تعترف بحق الجميع دون استثناء، في المشاركة في الحكم، فهذا البلد  قادر على ادارة منطقته وحماية حدوده، وحدود جيرانه، بحيث انه الحامي الحقيقي للسعودية، وليس مصدر خطر اناحسنت السعودية التتعامل مع اليمن، فهي برغم مليراتها لم تستطع ان تحمي نفسها من التهديد اليمني، وهذا دليل على قدرة اليمن على توفيرالحماية لها وتوثيق اسس حسن الجوار.  في هذه الحرب الظاللمة اقتصاديا وعسكريا وسياسيا، فان  الشعب اليمني لم يكن لديه   ما يخسره، واثبت انه قادر على خوض المعركة حتى النهاية ، وتحمل سنوات الفقر، والحصار ، والتجويع،  مقابل ان يحصل على حرية تقرير المصير. ان عقود الاذلال التي عاشها اليمن كحديقة خلفية لمملكة النفط الكبرى، يبدو انها  توشك على النهاية، وهنا تبدوهذه هي ميزة التفوق العسكري لجماعة الحوثي، التي سيكون عليها الالتزام بعدم توجيه قوتها العسكرية ، الى الداخل اليمني مستقبلا،  وان تكون جزء من حماة اليمن، بالاستفادة من قدراتها التي طورتها خلال هذه الفترة . السعودية الان في اضعف حالاتها، تعيش حالةمن الضغط الدولي والهجوم الاعلامي غير المسبوق، وتحرك المنظمات الدولية الحقوقية، اضافة الى مشاكلها الداخلية، ولعل قضية تصفية الصحفي السعودي جمال خاشقجي، جاءت لتكرس هذا لاضغط مما ياتي في صالح اليمن وفي خضم الابتزاز والتهديد الامريكي على السعودية، جاء التطمين اليمني من كل الاطراف تقريبا، لكن الابرز هو التطمين الحوثي للسعودية وهو ما يجب ان يؤخذ بعين الاعتبار، حيث يطمئنالخصم خصمه بانه لن يكون داعما لاي تهديد خارجي على بلد شقيق وجار وهذا هو اعلى مستوى من تاكيد حسن الجوار، بالاخذ بعين الاعتبارالمخاوف السعودية من تهديد اخر، وهوالتهديد الايراني، باستخدام جماعة الحوثي ضد السعودية، وان كان الحوثيون يرفضون التهديد الامريكي ، فانهم بذلك يقدمون انفسهم ايضا حامي لها،  من التهديد الايراني، في حال تطبيع العلاقات اليمنية – السعودية الحوثيون وغرورو القوة قد يظهر انصار الله هنا قوة صاعدة  قادرة على قلب معادلة القوة، وتنامي قدرتها في التصنيع العسكري ، اضافة الى صمودها امام حرب غيرمتكافئة عسكريا، يجعلها تشعر بغرور الانتصار، وهو امر طبيعي جدا وسيكون من غيرالطبيعي ان لا تغتر هذه الجماعة وحلفائها من قبائل وابناء اليمن بانفسهم.  لكن جماعة انصار الله 2018 ليست هي جماعة الحوثي 2004 ، فكثير من ابناء اليمن من كل المحافظات في الجنوب والشمال،  يشكلون جزء من مكونها العسكري الذي يطلق عليه “الجيش واللجان الشعبية” ، حتى لاينسب الانتصاراعلاميا للحوثيين، الا ان الرأس والقيادة العسكرية حوثية بامتياز. الاندماج الحقيقي للجماعة في مؤسسة “الجيش الوطني” يبدا من داخل الجماعة، بتشارك القيادة العسكرية مع جميع ابناء اليمن، فهذه الحرب  يقاتل فيها ابن صعده مع ابن تهامة، ولابد من التذكير ان حساسية الاقصاء قد تحدث مستقبلا، خاصة انها الاقصاء والتهميش هو ما عانت منه هذه الجماعة اوابناء طائفة معينة منذ قيام ثورة سبتمر 1962 وهو ما جعلهم ينظمون انفسهم خارج هرم السلطة العسكري  والسياسي.   انصار الله  حاليا هي  تحالفات، قبيلة وسياسية ومدنية، وحزبية، وهذا ما جعلها تشكل وفد المفاوضات من جميع الاحزاب اليمنية  المتحالفة مع الحوثيين ، وهي بادرة طيبة عليها ان تترجم على الصعيد العملي بالمشاركة في صنع مستقبل اليمن  السياسي.   لاجدل بان جماعة الحوثي هي الاقوى عسكريا وسياسيا في الشمال،لكن مستقبلا، ستفشل ان فكرت ان تستحوذ على السلطة بمفردها، فمرحلةغرورو القوة لابد انتنتهيالى مسار التصالح والتنازلات خاصة ان للجماعةارث قريب في تقديم تنازلات  في مؤتمر  الحوار، واتفاق السلم والشراكة  غير انها قدمت هذه التنازلات في فترة  كانت فيها خارج السلطة، وليس السلطة الفعلية،السؤال هل يمكنها اليوم تقديم تنازل مماثل بعد تفوقها العسكري وتتشارك الحكم مع التيارات والاحزاب الاخرى لاسيما من ابناءالنظام القديم .  وهنا تجدر  الاشارة ان  مرحلة “غرورالقوة”  اواستعراض القوة، ترتطم بردود فعل “تادبيبة”  ونقد قاسي وحملات هجومية من داخل وخارج الحركة، خاصة من خصوم الحوثيين، حيث يبدو انهم كسلطة ناشئةيعملون تحت عدسة مكبرة تصطاد الاخطاء وتضخمها، وتفضح الانتهاكات. لذلك فان هذا الهجوم الشرس على الجماعة،  الذي يبدو ظاهريا انه يعمل لاضعافها وفضحها، الا انه في الحقيقة  يخدمهم ، فالنقد هو افضل ماتقدمه لاي سلطة ناشئة،  لانه يجعل تحركاتها محسوبة، ويجبرها على التبرير اوالتصحيح والمحاسبة  وعلى المدى الطويل فان هذا  يخدم اليمن ونظامه السياسي الجديد “تحت التشكيل” ، لانه يجبرالجميع على تقبل النقد فان كان القوي ليس فوق النقد،  فان هذا يؤسس  لثقافة سياسية تتقبل النقد والهجوم، للتصحيح والمحاسبة ، فاليمن ابقى من الحوثيين . وهنا نراهن على   تنامي الوعي الذي يزيد مع استمرار الصراع، حيث تضظر  هذه السلطة للدفاع انها الاقوى والمسيطرة في الميدان، امنيا وعسكريا، لكن هذا لا ولن يعطيها الحق في الحد من الحريات العامة والمدنية، وهنا يتم تهذيب هذه السلطة بفضل ردات الفعل المضادة لها. في حين تعيش السلطة الموازية “النظام السياسي القديم” في معزل عن نقد حقيقي اوتوجيه برغم فداحة الاخطاء المرتكبه، وبرغم غرقه في الفشل الاقتصادي والامني والعسكري وحتى المدني، اضافة انه يمثل الصوت الباهت المرهون للخارج ،الذي لايعكس اي روح وطنية ، ولايسهم اطلاقا في تشكل الشخصية اليمنية التي تمر بحالة ارباك وتاثر وتاثير غير مسبوق. فاخطاء النظام المعترف به دوليا  هي كوارث سياسية، وقانونية واختراق للمرجعيات الدستورية والقانونية التي تقوم عليها شرعيتها، بل انه توجد حتى اشكالية قانونية في مشورعيةالتدخل العسكري نفسه وقد ورط نفسه بخروقات قانونية  واولها الاستعانه بطرف خارجي، كل هذه الكوارث ينظر لها في عميق تشكيل الوعي السياسي انها خارج السياق، وغير مؤثرة في تشكيل النظام السياسي الجديد، وانها ذاهبة الى غير رجعة، لذلك يظهر ان هناك حالة ياس منها ومن محاولة نقدها او مراجعتها، لانها لاتملك قرارها اولا ، ولان سلطتها شكلية وليست حقيقية. لذلك يمارس النقد العنيف بحق السلطات الموازية في الشمال،  والتي تتخذ من الداخل مقرا لها، والتي  تعقد تحالفات ندية مع قوى اقليمية، وبرغم تبادل الاتهامات بالعمالة، الا ان التحالف العسكري المشكل في الشمال لم يثبت تورطه  بجلب غزاه اجانب الى ارض اليمن، ويظهر ان التنسيق العسكري بين قوى تحالف الشمال  العسكري والقبلي مع ايران وحزب الله  تحالف ندي قائم على الدعم اللوجستي والفني دون تدخل مباشر، وهنا يظهر حلفاء ايران اكثر قوة على الارض من حلفاء السعودية. فالقرار الداخلي اليمني للنظام السياسي الموازي هو قرار محلي، وهذا ما كان ينقص اليمن خلال 5 عقود “يمنية القرار السياسي” وان حاولت جماعة الحوثي تغير الدفة والتوجه للارتهان الكامل للمحورالايراني فانها ستكون اول من يخسر، واول من ضحى بتضحيات اليمنيين. الحوثي لن يحكم فجماعة الحوثي وهي جماعة دينية – مذهبية ، لها معتقداتها الخاصة التي لا تتناسب والشخصية والبيئة اليمنية ككل، لايمكنها ان تحكم اليمن وفق رؤويتها العقائدية، كما انها وهي تحارب الوصاية والنفوذ السعودي – الامريكي في اليمن، بدماء اليمنيين الزكية  والطاهرة ، لايحق لها ان ترهن القرار اليمني لقوة اقليمية اخرى، حتى وان كانت صاحبة الدعم الاكبر لقوة الحوثيين العسكرية “كايران”  ولعل “مرحلة غرور القوة” التي تمر بها جماعة الحوثي مهمة في تعاطيها الحالي مع ايران ، حيث لاينسب اي انتصار او صمود او تضحية الا للدم والعنصر اليمني دون اي ذكر للدعم الايراني، ان وجد، وهذا مهم في مرحلة الاستقواء. فلا يمكنك ان تستقوي على الاخر بدعم من خصمه ، اضف بانك تحارب بدم القبائل اليمنية ، التي كانت دائما عصية على اي مستعمر، وهذا لايمنع العلاقات الندية مع اي قوة اقليمية . وهنا الفرق بين النظام السياسي المتشكل في صنعاء،  وذلك الاخر القديم الذي يهترئ ويزداد ضعفا ، حيث لم تحاول اوتفكر السعودية ان تقوي حلفائها في اليمن على  الاقل خلال هذا الصراع الفارق والذي يعيد تشكيل المنطقة ككل. فالسعودية تعامل حلفاء الداخل كاتباع، بلا قرار، ولا راي، وهي تظهر ذلك ببجاحة بدون تحفظ، فتظهر الشرعية تابعة بالكامل، غير قادرة على  التاثيرالداخلي اوحتى مجرد التواجد الشكلي، فراس النظام القديم ” عبد ربه هادي” يمكن ان يطرد ويمنع من دخول اليمن، بامر اماراتي او سعودي، وهو امر مهين لكل يمنية ويمني، ان سياسة الاذلال هي سبب كل هذا الدمار الذي مورس على اليمن منذ عقود. ويؤدي رئيس الحكومة اليمنين الدستوري تحت سقف السعودية في الرياض، وياتي الى اليمن بتنسيق مع السعودية والامارات، وهذا يرهن القرار السياسي اليمني، ويبدو نتيجة غير مرضية لهذه الحرب ، ولا لشخصية اليمني. اليمني  فقير لكنه عزيز النفس، يمكنه ان يعيش على اقل من وجبة في اليوم، لكن لايسمح بكل هذا الخنوع للاخر، فالملف الاقتصادي وهو قوت الناس ترك عرضة للتجاذب الاقليمي ، وللقرار الخارجي، الذي يمارس لاول مرة دور الوصاية المباشرة من خلال استحداث المعسكرات السعودية – الاماراتية في الجنوب اليمني، ويتم فرض الشروط على تعيين القيادات السياسية والعسكرية اليمنية. فمن رئيس الدولة الى اصغر وكيل  يجب ان يكون مطيعا للاجندة السعودية، بينما في النظام الموازي الذي مازال يتشكل لايبدو حتى الان على الاقل ان الولاء لايران، شرطا للتواجد السياسي في حكومة الحوثيين حيث ان ظهورالعنصر الايراني سيكون عامل ضعف لما له من ارث سيئ في المخزون والتراث والتركيبة اليمنية التي تعتز اولا بعروبتها ، والتي لايمكنها ان تكون تابعة او ضمن المحورالايراني، والتي تعي تماما مخاطر ايران على الامن القومي العربي،  ومطامعها غير المشروعة في المنطقة، والتي تتذرع عادة بالدفاع عن المستضعفين او نصرة القضايا الكبرى كقضية فلسطين  فاليمني في ادراكه الفطري لن يسلم الراية لقوة اقليمية غير عربية ليحارب تحتها نصرة لقضيته العربية اواليمنية، وهو الامرالذيعلى جماعة الحوثي اداركه جيدا، ووضع في الحسبان . النظام السياسي الجديد  الذي يتشكل اوالنظام الموازي، عليه ان يعمق  ندية العلاقة والتحالف السياسي مع اي فريق او قوة اقليمية كايران ،  وان يحترم حسن الجوار مع السعودية،  وهذا ينطبق على الممكلة العربية السعودية التي كانت غلطتها الوحيدة انها لم تتعامل مع نظام سياسي معتد بتاريخه ويعي مصالحة ويرفض الانقياد. ولعل السعودية التي تتحالف مع النظام القديم، في عمقها لا تحترم الا القوي على الارض،  وان كانت تحاربه،  الانها حين تذهب لعقد صفقة فانها لن تكون الا مع القوي، اي النظام السياسي الجديد،  الذي احد مكوناته الحوثيين ، وليس هم كل مكوناته  وقتها  ستكون هذه هي  رصاصة الرحمة على النظام السياسي القديم،  الذي لايعول عليه احد،  ولا ينتقده احد،  ولا يفكر بتصحيح مساره احد،  لان الكل يعلم ان هذا النظام انتهى ، وان السعودية تتشبث بجثته وما تبقى منه لتغطي على تدخلها غير المشروع في اليمن. السعودية الغنية مملكة النفط الكبرى التي تحاول الحفاظ على ما تبقى من مصالحها في اليمن ، تتكئ خلف هيكل الشرعية المهترئ، فهي  ليست بالتاكيد  في اقوى حالتها، انها مسنودة على شعبية و شرعية مهترئة قانونيا ودستوريا ، وضعيفة سياسيا ، بلا ثقل قبلي ولا تاثير، وبذات الوقت تعمل السعودية على اضعافها اكثر، بالتدخل المباشر الذي يقلص حضور الحكومة الشرعية، وباقحامها بصراع الاجنحة  الخليجية بين قطر ، الامارات، والسعودية وحى عمان، حيث تحاول الشرعية طيلة الوقت من تحت العباءة السعودية ارضاء الاطراف الخليجية المتصارعة، حيث اعلن ان هذا التحالف السعودي قادم لانقاذ الشرعية وتقويتها فاغرقها بمزيد من الصراع الاقليمي وفككها واضعفها، ان شرعيةالنظام القديم تقوم على تحالف قبلي – سياسي يتمثل في الاحزاب وابرزها حزب الاصلاح، وخلال 4 سنوات من الحرب المدمرة والظالمة في اليمن، تمت محاولة تهميش هذا الحزب الكبير واضعافه واستهداف قياداته،  وحتى محاربته علنا و محاولة حظر نشاطه، مع ان حزب الاصلاح الاسلامي المرتبط بالاخوان المسلمين هوجزء اساسي من مكونات الشرعية – النظام السياسي القديم- وكان يمثل الجناح الثاني للتحالف السياسي في هذا النظام مع حزب المؤتمر الشعبي العام  وحزب الاصلاح في النظام السياسي القديم يساوي بقوته ونفوذه وتاثيره قوة وتواجد الحوثيين في النظام السياسي الجديد، لذا فان محاولة التحالف السعودي تفكيكه واضعافه واستهداف الاصلاح  ، وبنفس الوقت  الذي يحاول فيه التحالف السعودي اعادة النظام القديم فان يعمل على تقويض الاساس الذي يعتمد عليه هذا النظام النظام السياسي الحديث المتشكل حاليا او مازال تحت التشكيل،   عليه احترام مباءدئ الدولة المقبلة – الحريات العامة – مشاركة المراة- الحريات الدنيية وحرية المعنقد- علمانية الدولة ومدنيتها،  وحرية الكلمة  والديمقراطية

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

شرح قصيدة مصطفى للشاعر عبدالله البردوني

هذا ليس دونالد ترامب الذي انتخبته أمريكا" - نيويورك تايمز.

نسخة جديدة من برنامج الذكاء الاصطناعي لحل المعادلات الرياضية والتفاعل مع مشاعر البشر